سورة الإسراء - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


قوله عز وجل: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} يحجب قلوبهم عن فهمه والانتفاع به.
قال قتادة: هو الأكنة والمستور بمعنى الساتر كقوله: {إنه كان وعده مأتيا} [مريم- 61] مفعول بمعنى فاعل.
وقيل مستور عن أعين الناس فلا يرونه.
وفسره بعضهم بالحجاب عن الأعين الظاهرة، كما روي عن سعيد بن جبير أنه لما نزلت: {تبت يدا أبي لهب} جاءت امرأة أبي لهب ومعها حجر والنبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر فلم تره فقالت لأبي بكر: أين صاحبك لقد بلغني أنه هجاني؟ فقال: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله فرجعت وهي تقول قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ رأسه فقال أبو بكر: ما رأتك يا رسول الله قال: لا لم يزل ملك بيني وبينها يسترني. {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أغطية {أَنْ يَفْقَهُوهُ} كراهية أن يفقهوه. وقيل: لئلا يفقهوه، {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} ثقلا لئلا يسمعوه {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} يعني إذا قلت: لا إله إلا الله في القرآن وأنت تتلوه {وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} جمع نافر مثل: قاعد وقعود وجالس وجلوس أي نافرين. {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} قيل: {به} صلة أي: يطلبون سماعه، {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} وأنت تقرأ القرآن {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} يتناجون في أمرك وقيل: ذو نجوى فبعضهم يقول: هذا مجنون وبعضهم يقول كاهن وبعضهم يقول: ساحر وبعضهم يقول: شاعر {إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ} يعني: الوليد بن المغيرة وأصحابه، {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا} مطبوبا وقال مجاهد: مخدوعا. وقيل: مصروفا عن الحق. يقال: ما سحرك عن كذا أي ما صرفك؟
وقال أبو عبيدة: أي رجلا له سحر، والسحر: الرئة أي: إنه بشر مثلكم معلل بالطعام والشراب يأكل ويشرب قال الشاعر:
أرانا موضعين لحتم غيب *** ونسحر بالطعام وبالشراب


{انْظُرْ} يا محمد {كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ} الأشباه، قالوا: شاعر وساحر وكاهن ومجنون {فَضَلُّوا} فحاروا وحادوا {فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} أي: وصولا إلى طريق الحق. {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا} بعد الموت، {وَرُفَاتًا} قال مجاهد: ترابا وقيل: حطاما. والرفات: كل ما تكسر وبلى من كل شيء كالفتات والحطام. {أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} {قُلْ} لهم يا محمد: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} في الشدة والقوة وليس هذا بأمر إلزام بل هو أمر تعجيز أي: استشعروا في قلوبكم أنكم حجارة أو حديد في القوة. {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} قيل: السماء والأرض والجبال.
وقال مجاهد وعكرمة وأكثر المفسرين: إنه الموت فإنه ليس في نفس ابن آدم شيء أكبر من الموت أي: لو كنتم الموت بعينه لأميتنكم ولأبعثنكم.
{فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا} من يبعثنا بعد الموت؟ {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ} خلقكم {أَوَّلَ مَرَّةٍ} ومن قدر على الإنشاء قدر على الإعادة {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} أي: يحركونها إذا قلت لهم ذلك مستهزئين بها {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ} أي: البعث والقيامة {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} أي: هو قريب لأن عسى من الله واجب نظيره قوله تعالى: {وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} [الأحزاب- 63].


{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ} من قبوركم إلى موقف القيامة {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} قال ابن عباس: بأمره وقال قتادة: بطاعته وقيل: مقرين بأنه خالقهم وباعثهم ويحمدونه حين لا ينفعهم الحمد وقيل: هذا خطاب مع المؤمنين فإنهم يبعثون حامدين. {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ} في الدنيا وفي القبور {إِلا قَلِيلا} لأن الإنسان لو مكث ألوفا من السنين في الدنيا وفي القبر عد ذلك قليلا في مدة القيامة والخلود قال قتادة: يستحقرون مدة الدنيا في جنب القيامة. قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قال الكلبي: كان المشركون يؤذون المسلمين فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنزل الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي} المؤمنين {يَقُولُوا} للكافرين {الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ولا يكافؤوهم بسفههم. قال الحسن: يقول له: يهديك الله وكان هذا قبل الإذن في الجهاد والقتال.
وقيل: نزلت في عمر بن الخطاب شتمه بعض الكفار فأمره الله بالعفو.
وقيل: أمر الله المؤمنين بأن يقولوا ويفعلوا التي هي أحسن أي: الخلة التي هي أحسن.
وقيل: الأحسن كلمة الإخلاص لا إله إلا الله.
{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِغُ بَيْنَهُمْ} أي: يفسد ويلقي العداوة بينهم {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} ظاهر العداوة. {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ} يوفقكم فتؤمنوا {أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} يميتكم على الشرك فتعذبوا قاله ابن جريج.
وقال الكلبي: إن يشأ يرحمكم فينجيكم من أهل مكة، وإن يشأ يعذبكم فيسلطهم عليكم. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا} حفيظا وكفيلا قيل: نسختها آية القتال.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10